لأول مرة في تاريخ الأفلان، يغادر الأمين العام للحزب موقعه بهدوء، ويسلم “الأمانة” لمن يخلفه بكل سلاسة، ويصفق الجميع لهذا “الانتقال الديمقراطي”، وتمضي مركبة الجبهة إلى وجهتها المقصودة..
فعندما استقال عبد الحميد مهري في 1996، انقسم الحزب بين مصالحاتيين على رأسهم مهري وبوتفليقة وحمروش وبلخادم، ومساندين للحل الاستئصالي بينهم بن حمودة وبن فليس وعمار سعداني وعبد الرحمان بلعياط وحجار وغيرهم..
وعندما انسحب بن حمودة في 2001، غادر معه عدد من رجال الولاية الرابعة الذين “تأثروا” للطريقة التي أبعد بها المجاهد الكبير “سي بوعلام”.
وعندما غادر بن فليس بعد رئاسيات 2004، حدثت الأزمة القوية التي قسمت الحزب إلى نصفين: بنفليسيين وتصحيحيين.
وعندما غادر بلخادم في 2013، بقي الحزب في أزمة قيادة 7 أشهر، وزاد انقساما بعد مجئ عمار سعداني في نهاية 2013.
لكن عندما غادر سعداني منصبه الأسبوع الماضي- 22 أكتوبر 2016- لم يحدث شيء، الجميع صفق لاستقالة سعداني، والجميع صفق لانتخاب ولد عباس، والجميع غادر فندق الأوراسي يشيدون بفخامة رئيس الجمهورية، رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة..
أكبر المتفائلين كانوا يتوقعون تململا ولو ظاهريا يعقب استقالة عمار سعداني، لأن اللجنة المركزية الحالية خاطها الرجل بيده، وتفحص أسماءها واحدا واحدا، ولذلك كان متوقعا، ومنتظرا، أن يقوم بعض الأوفياء لسعداني بمحاولة التأثير على مجريات الوضع و”تصعيب” المهمة على جمال ولد عباس..
لكن الذي حدث كان مفاجئا للجميع، وتاريخيا في تاريخ الحزب العتيد: لقد عاد سعداني إلى بيته، ودخل ولد عباس إلى مبنى الجهاز في حيدرة.. بكل هدوء وسلاسة.. فما الذي حدث بالضبط؟
العارفون بالأمور في الحزب العتيد يؤكدون أن عملا “كبيرا” قام به بعض رجال ثقة رئيس الجمهورية، في اتجاه الحفاظ على استقرار الحزب وتماسكه، وبالفعل لقد نجح هؤلاء، وبينهم مستشار رفيع برئاسة الجمهورية، في جعل الأمور تتم بانسيابية “مدهشة” داخل اللجنة المركزية للحزب الذي يرأسه رئيس الجمهورية، ولذلك جاءت صورة تسليم المهام بين سعداني وولد عباس في غاية الحضارة والرقي.. إن الأمر لم يكن وليد اللحظة.. ولا الصدفة.. إن العمل الذي بذله رجال الرئيس كانت له آثار حاسمة في الوصول إلى هذه اللحظة الديمقراطية التي ستبقى ناصعة في تاريخ الحزب، والجزائر.
التدوينة كيف انتقلت مقاليد الأفلان من سعداني إلى ولد عباس بهدوء..إنه عمل رجال الرئيس ظهرت أولاً على الجزائر 24.