على نحو غريب ومتنافر يؤشر على انشطار وتسطيح وفقّاعات تلقي بظلالها على هوس الفنانين الجزائريين بإبراز أسماء الشهرة، في اشكالية لا تزال تصنع الجدل وسط الجزائريين، بعد عقود من اجترار هالة الشيخ والشيخة وثنائيات الشاب والشابة، وصولا إلى ألقاب لا تمتّ للفن بصلة.
"تشييخ" الحناجر والبحّات
يطلق لقب "الشيخ"، عادة، على من استبانتْ فيه السن وظهر عليه الشيبُ، وكان يطلق تكريما للمنادى به، سواء كان معلما بزاوية قرآنية أو مدربا لكرة القدم، لكن المفارقة في الوسط الفني أنّ هذا "التشييخ" صار يطلق على أصحاب الحناجر والبحّات المتميّزة من أعلام الأغنية الجزائرية في الوطن وفي الخارج.
ومن الطريف أنّ لقب "الشيخ" اجتاح الفنانات اللائي صرن "شيخات"، ونذكر من أبرزهنّ "سعدية باضيف" أو "الشيخة الريميتي" (8 ماي 1923 – 15 ماي 2006) التي كانت مشهورة بالطابع البدوي المعروف بــ"الراي الأصيل" وأيضا بــ "الڤصبة"، ولهذا دعيت "الريميتي" بهذا اللقب.
وعن سرّ كنية "الريميتي"، تسرد صاحبة أغنية "أنا وغزالي في الجبل نلقط في النوار"، أنّه عندما وزّعت المشروبات على معجبيها في أحد الحانات، حيث طلبت من النادلة أن تقوم بذلك قائلةً لها remettez أي دورة أخرى، وتحولت مع الوقت إلى "ريميتي" بالعامية الجزائرية !
وغير بعيد عن "الريميتي"، هناك الشيخة "الجنية" وهي مغنية جزائرية تؤدي الراي البدوي القديم أو الوهراني، اسمها الحقيقي "فاطنة مباركي" وذاع صيتها بـ "الجنية" كون "صوتها ملائكي ولا يوجد عند بني البشر" (..).
وعلى خطى الشيختين، سار العديد من فنانين الرّاي اليوم، فأطلقوا على أنفسهم لقب "الشيخ" ليس لكبر سنّهم ولكن ربّما طمعا في القليل من الشّهرة التي حقّقها أسلافهم، على غرار "الشيخ نانو"، "الشيخ ناني"، "الشيخ الجنّ"، و"الشيخ الضبّ" وهو مكتشف "الريميتي" وكان وراء دخولها العالم الفني، وغيرهم.
زينو.. دليلة .. فيصل .. يمينة وخيرة لتكريس لقبي الشاب والشابة
تطلق تسمية الشاب على كل مغني في الطابع الرايوي، ويعود تاريخ التسمية إلى بداية ثمانينات القرن الماضي، غداة إطلاق مسابقة "ألحان وشباب" للمواهب الشابة في التليفزيون الجزائري، وكان يُطلق حينذاك على الفائز اسم "شاب".
ومن أبرز من ارتبط اسمه الفنّي بلقب "الشاب" هو "خالد حاج ابراهيم" المشهور بـ "الشاب خالد" الذي أوصل اسمه والأغنية الرايوية إلى العالمية.
وعلى خطى "خالد" سار الكثير من الفنّانين الذين ارتأوا المحافظة على أسماءهم الحقيقية مع إضافة لقب "الشاب" أو "الشابة" ليلتصق بسيرتهم الفنية أمثال: "الشاب زينو"، "الشابة دليلة"، "الشاب فيصل"، "الشابة يمينة"، "الشابة خيرة" وغيرهم كثر.
ألقاب ترتبط بالجنسيات والسيارات والأرقام وحتى.. الحيوانات
من الشاب والشابة، خرج علينا جيل جديد بــ "استثناء كثير"، عبر اعتماد أسماء أقل ما يقال عنها أنها "غريبة"، ارتبطت بالجنسيّات، الجهات الولائيّة، السيّارات وحتى الحيوانات.
ومن أشهر الفنّانين الذين ارتبط اسمه باسم (حيوان) هو مغني الرّاي "هواري الدوفان" أو (الدلفين) واسمه الحقيقي "هواري سيواني" وكان صرّح في العديد من المقابلات التلفزيونية أنّ مقربيه هم من أطلقوا عليه تسمية "دوفان" لارتباطه بالعمل في ملهى ليلي يدعى "الدلفين الوردي" بوهران !
ومن الأسماء التي اختارت لنفسها، أو اختير لها أن تتجنّس ولو بالألقاب "رضا تمني" أو "رضا الطالياني" الذي صرّح في إحدى لقاءاته الصحفية أنّه عُرف بـ"الطلياني" من عمر الثامنة لأنه كان يلبس على الطريقة الطاليانية (...). ومثله L’Algérino واسمه الحقيقي "سمير دجوغلال" وهو مغني راب فرنسي من أصول جزائرية لهذا أطلق على نفسه "Algérino".
وهناك من اختارا لأنفسهم ألقابا ترمز لأصولهم الجهوية على منوال: "رضا سيتي 16"، "أمين 31"، "سمير السطايفي"، "عز الدين الشلفي"، "قاديرو الوهراني"، و"وردة شارلومانتي" هذه الأخيرة صرّحت أنّ سبب تسميتها تعود إلى انحدارها من حي "شارل لومان" في وهران، وغير هؤلاء كثير ولا حصر لهم.
القفلة"، "الشاب مرسيديس"، "الشيخة زلميت"، "كادير التيتانيك
من أغرب الألقاب التي خرج علينا بها الجيل الجديد، المثير للجدل "أنوش مافيا" الذي أرجع سر تسميته "أنّوش" إلى عشق البنات الشّابات له، أمّا "مافيا" فهو لكونه يمارس فنون قتالية كثيرة !!!
ومن الطريف، أن يطلق صاحب أغنية "راس مالي باسبور خضر"، على نفسه لقب "أمين TGV " حيث قال أنّ وصف "تي جي في" اقترن باسمه الأول عن طريق مدير أعماله لسرعته الكبيرة في أداء الأغاني، فأطلق عليه عبارة "تي جي في" أو (القطار فائق السرعة).
ومن الأسماء الفنية الغريبة في الوسط الفني الجزائري، والتي لا نجد لها تعليقا يصفها: "الشاب القفلة"، "الشاب مرسيديس"، "الشيخة زلاميت" (كبريت)، "كادير التيتانيك"، "الشاب آبيا"، "الشاب بابي" وأسماء أخرى لا حصر لها.
أسماء تنتصر للأصالة والامتداد
هناك أسماء ووجوه فنية لم ترتبط بالضرورة بالطابع الرّايوي، اختارت أن لا تخرج عن البرنوس الأبوي، وأن تحافظ على الاسم العائلي، نستحضر منها "عبدو درياسة" نسبة لوالده (رابح درياسة)، مصطفى قروابي (الوالد الهاشمي قروابي)، الشقيقتان "نعيمة" و"فلة عباسة" (الوالد عبد الحميد عبابسة)، إضافة إلى الهادي العنقى "محمد العنقى" (نسبة إلى طائر العنقاء الأسطوري)، واسمه الحقيقي "محمد إيدير آيت وعراب" (20 ماي 1907 – 23 نوفمبر 1978).