غادرنا الكاتب الروائي عبد الحميد بن هدوقة في 21 اكتوبر 1996،أي في عز الازمة الامنية والسياسية التي كانت تعرفها الجزائر،وبالرغم من الاحتفاء بابن هدوقة الذي عرفه بعد رحيله،الا ان الاهتمام باعماله سرعان ماخفت ولم نعد نرى اعمالا حول اعمال ابن هدوقة ودراسة جديدة لنصوصه الأساسية التي قدمها منذ روايته الرائدة (ريح الجنوب) وانتهاء بروايته النقدية (غدا يوم جديد) وهذا الاهمال لم يشمل ابن هدوقة وحده بل العديد من الاسماء سواء كانوا روائيين او شعراء او نقاد او مفكرين وبمختلف انتماءاتهم ايديولوجية واللغوية.. ان عبد الحميد بن هدوقة كان من مؤسسي الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية وساهم في بلورة الوعي الروائي الجمالي من خلال اعماله الاساسية الى جانب (ريح الجنوب،وغدا يوم جديد) فهناك روايات مهمة جعلت من بن هدوقة رائدا مهما ومجددا في النص الروائي الجزائري ويمكن ذكر (الجازية والدراويش)و(نهاية الأمس) التي كانت بمثابة التأريخ النقدي لتحولات اللحظة الجزائرية في ظل التطورات والتحديات والأزمات التي عرفتها الدولة الوطنية في الجزائر،ففي رواية الجنوب طرح بن هدوقة مسألة تصفية الاقطاع الذي وقف حجرة عثرة أمام الاصلاح الزراعي والذي سمي وقتها بالثورة الزراعية،والرواية التي كتبت بلغة أدبية جميلة واستعادت تقاليد الكتابة الروائية الكلاسيكية من فلوبير الى بلزاك الى مكسيم غوركي راحت تؤسس لما سمي بالرواية الجزائرية بالعربية وتضع علامات طريقها الاولى التي فتحت المجال أمام جيل من الكتاب الذين عرفوا بكتاب السبعينيات مثل الجيلالي خلاص، وواسيني لعرج والسايح الحبيب ومحمد الصالح حرز الله والزاوي امين وكان الى جانب بن هدوقة كتاب اخرين متميزين مثل الطاهر وطار وزهور ونيسي التي لم تحظ بنفس الشهرة التي عرفها بن هدوقة ووطار، ولم يتوقف بن هدوقة عن نقل اساليب الكتابة الكلاسيكية الى حقل الابداع باللغة العربية بل خاض التجريب والحداثة الادبية في عمله المتميز (الجازية والدروايش) وسينتقل الى الموقع النقدية لحوصلة التجربة الوطنية مع روايته (غدا يوم جديد)،حيث تعرضة لمأزق الدولة الوطنية و انبثاق حركة ما بعد الوطنية والتصوىر ان هذا الجانب من كتابات بن هدوقة هو في حاجة الى اضاءة اكثر واهتمام من قبل النقاد والاكاديميين الذين اكتفوا بتكرار ما كتب عن (ريح الجنوب