في كل مرة تشهد الساحة الإعلامية في الجزائر جدلا بسبب خرجات غريبة، من طرف أسماء تمكنوا من حجز مساحة في وسائل الاعلام، بالرغم من تفاهة ما يطرحونه وعدم جدوى اللغط والنقاش الذي تصاحبه هذه الخرجات.
وتأخذ هذه النقاشات حيزا واسعا من اهتمامات رواد التواصل الاجتماعي على حساب قضايا أساسية أهم بكثير، على غرار الصحة والعمل والتربية والثقافة وغيرها، غير أن التوجيه الذي تمارسه وسائل الاعلام يصرف الأنظار عن هذه القضايا الأساسية والاتجاه بها نحو النقاشات العقيمة.
ويجهل السبب الذي يجعل مختلف وسائل الاعلام بوسائطها الالكترونية تسارع لتلقف هذه “الخرجات التافهة” رغم علمها المسبق بمجانبتها للجدية. نحاول في هذه العجالة المرور على بعض العينات التي أصبحت تتعب الجزائريين بظهورها في كل مرة بأفكار وخرجات غريبة وعجيبة.
وان كان المقام لا يكفي لحصر عدد الشخصيات التي جعلت الفضاء الإعلامي ملوثا، فقد تتوزع بين مجالات عديدة، الثقافة والسياسة والرياضة والدين …الخ، وهو ما يجعل معالجة هذه الظاهرة مسالة في غاية الأهمية، لما تستهلكه من وقت الجزائريين وصرفهم عن القضايا الحقيقية، وابعاد صوت العقل والعلم وتعويضه بصوت الخرافة والدجل.
نقابة الزوايا الاشراف … صفحة على الفايسبوك مختصة في إثارة المفاجآتخرجات غريبة تسجلها صفحة على الفايسبوك موسومة بـ ” النقابة الوطنية للزوايا الأشراف بالجزائر”، حيث نسبت الوزيرة نورية بن غبريت إلى آل البيت، وقالت في تدوينة على صفحتها “بالفايسبوك” إن ما تعرض له قطاع التربية والوزيرة بن غبريت ما هو إلا فتنة “تصيب آل البيت من الأشراف”، وكانت النقابة قد دافعت عن الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد وقالت عنه إنه خادم الزوايا وكتاب الله والمدافع عنه.
وأثنت كذلك على قرار وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، بخفض صوت الآذان، وأثارت جدلا واسعا بعد إصدارها بيانا تعتبر فيه أن قرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب بنقل السفارة الامريكية الى القدس قرار صائب، وأن اليهود عادوا الى ارضهم الحقيقية وهي فلسطين، بل واعتبرت أن هيكل سليمان المزعوم موجود فعلا، كل ذلك ومازالت وسائل الاعلام تتعامل معها وتعطيها مساحة واسعة للتعبير عن هذه التصرفات الشاذة عن المجتمع الجزائري.
أصبح الشيخ شمس الدين بطلا للعديد من القصص التي تعج بها شبكات التواصل الاجتماعي، إذ يجمع الشيخ في خرجاته بين الغرابة والتنكيت، وباتت الحصص التي يقدمها مادة دسمة للترفيه واثارة اللغط والجدل حول العديد من القضايا ذات الصلة بالدين، إما فتاوى غريبة أو قصص قريبة من الخيال، حقيقية كانت أو تمثيلية.
ويستغل الشيخ شمس الدين الفراغ المتواجد في الساحة للظهور في كل مرة، مستفيدا من أضواء الاعلام الذي منحه مساحة كبيرة من حياة الجزائريين، فأصبح كل ما يقوله يلقى رواجا كبيرا، وخير دليل على ذلك هي الحصص الأخيرة التي يظهر فيها الشيخ شمس الدين محاورا للجن أو محللا اجتماعيا، كل ذلك يتم برعاية إعلامية كبيرة .
شغلت المغنية فلة عبابسة الجزائريين بقصة حبها مع المغني الشاب خالد، وحولت وسائل الاعلام تصريحاتها الى حدث وطني يجب على كل الجزائريين متابعته حتى وان كانوا بعيدين عن مجال الفن والغناء، وكان رد المغني الشاب خالد حدث أكبر من الأول، فمضت الأيام بين حكاية فلة وخالد، وكأن الاعلام الجزائري عالج كل القضايا المصيرية وتفرغ لهذه التصريحات الفارغة.
انتهت هذه القصة، لتطلعنا وسائل الاعلام بحكاية أداء المغنية فلة عبابسة للآذان، تزامنا مع تصريحات وزير الشؤون الدينية حول مؤذن مسجد الجزائر الأعظم، والتي لقيت سخرية كبيرة من طرف المتابعين بسبب الخطأ الذي وقع فيه الوزير بتشبيه صوت المؤذن بصوت الصحابي بلال بن رباح، ليصبح أداء فلة للآذان حدثا وطنيا بامتياز .
لم تتخلف نعيمة صالحة رئيسة حزب العدل والبيان يوما، عن الظهور في وسائل الاعلام والوسائط الالكترونية، وتستغل كل وقتها وامكانياتها للبقاء محل حديث الجزائريين، مستغلة مواضيع تلفت الانتباه وتثير الجدل، وهذا طبيعي بما انها تبحث عن الشهرة ولو على حساب الجدية والمصداقية، والبقاء محل الحديث في شبكات الفايسبوك.
غير أن المثير للانتباه هو تركيز وسائل الاعلام والوسائط الاجتماعية على كل ما تقوله، رغم علم الصحفيين وهيئات التحرير بتفاهة ما تطرحه نعيمة صالحي، وفي بعض الأحيان خطورة ما تقوله، على اعتبار حديثها في مواضيع أكبر من أن تعالج في تصاريح إعلامية، وهي المواضيع ذات الصلة بالهوية والدين رغم سطحية درايتها بهذه المسائل.
رغم امتلاكه للكفاءة العلمية، يواصل لوط بوناطيرو الخبير في علوم الفلك، خرجاته الغريبة، التي تثير الجدل في كل مرة، وبعد أن تحدث بوناطيرو عن ثبات الأرض ومركزيتها للكون بدلا من الشمس، عاد ليثير الجدل مجددا بقوله إن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة عاشوا بتوقيت خاطئ الى غاية فترة خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
هذه الخرجة أخذت جدلا كبيرا وصل حتى إلى وسائل الاعلام الأجنبية، كما سبق وأن عن شكك خلال شهر رمضان الماضي في صحة مواقيت الصلاة المعتمدة من قبل وزارة الشؤون الدينية، خصوصا مواقيت صلاة الفجر، وقبلها تنبؤه بحدوث زلازل ضخمة لم تحدث الى الآن، كل ذلك ومازال اسمه ساطعا في سماء الاعلام في الجزائر، فيا ترى ما هو السبب ؟ .
ر.م