مراقبة التمويل الخارجي والتظاهرات خارج البلاد وحركة الحسابات البنكية
أ.ف.
عبر مسؤولو جمعية “بريق 21” عن ارتياحهم بعد الاتفاق مع السلطات المحلية في سكيكدة على الحد الأدنى من الشفافية والسماح لها بمزاولة نشاطها مجددا مع سحب الدعوة القضائية التي رفعتها الولاية ضد النشاط المشبوه للجمعية مؤخرا.
كان الاتهام الموجه للجمعية أنها مرتبطة بجهات أجنبية وأنها تتلقى دعما ماليا من تلك الجهات وهذا ما ينص القانون الجزائري صراحة على منعه تحت طائلة القانون المحدد لنشاط الجمعيات. وكانت جمعية “بريق 21” مهددة بغلق مقرها وتشميعه إلى أن يفصل القضاء بصفة نهائية. هذا مع العلم أن الجمعية ليست جمعية سياسية لتثير جدلا من هذا القبيل بل جمعية متخصصة في الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة.
على شاكلة “بريق 21” تلقى العديد من الجمعيات نفسها تحت طائلة قانون صارم لطالما تجاهله المسؤولون وهو أن تلتزم بشروط وجودها ومؤطرات نظامها وأهدافها ولا تحيد عن ذلك. وهذا ما حصل لجمعية أخرى في مدينة وهران مع “سيدي الهواري للصحة” التي استدعي مسؤولوها بسبب التجمع غير المرخص به.
كانت في الماضي جمعيات تبدأ بالنشاط بمجرد الحصول على ترخيص من السلطة المحلية إما المجلس الشعبي الوطني وإما الولاية في إطار تشجيع العمل الجمعوي الجواري ذي المنفعة العامة. وحصل نوع من الخلط وارتفاع في الشروط إلى درجة أن أصبحت الجمعيات أشبه ما تكون بالأحزاب السياسية مما استدعى العمل إلى إدخال بعض الشفافية والليونة من جهة والكثير من المراقبة والحيطة من جهة أخرى.
وكان أعلن وزير الداخلية نور الدين بدوي قبل أشهر خلال تقديمه عرضا حول النشاط الجمعوي أمام نواب لجنة الشباب والرياضة والنشاط الجمعوي بالمجلس الشعبي الوطني أن ” مشروع القانون العضوي المتعلق بالجمعيات يتضمن جملة من الإصلاحات والتي تتمحور أساسا في إضفاء ليونة فيما يخص شروط وإجراءات إنشاء الجمعيات، من خلال تقليص عدد الأعضاء المؤسسين وإلغاء بعض الوثائق الإدارية المكونة لملف التصريح وكذا تسهيل الإجراءات المتعلقة بكيفيات التصريح والترخيص بنشاط الجمعيات عن طريق تقليص أجال إصدار المستندات الإدارية”.
كما تضمن المشروع ” التأكيد” على حق إنشاء الجمعيات وحرية نشاطها في إطار القوانين إلى جانب “ترسيخ مجالات نشاط” الجمعيات التي ترتبط بالصالح العام لاسيما “المجال الصحي السياحي والاجتماعي” بالإضافة إلى توسيعها إلى مجال حقوق الإنسان وترقية المواطنة لما له من أهمية بالغة لدى فعاليات المجتمع المدني”.
في الحقيقة هذه المسائل هينة بالنظر إلى ما تخشى منه السلطات فعلا وهو النشاط الممول من الخارج مع إدخال بعض توجيهات خارجية قد لا تكون في الغالب في صالح الجزائر. مما يخلص بنا إلى رد الاتهام أن السلطات تحجر على العمل الجمعوي وتقلص من أدائه ومهامه. لأن الواقع يشهد أن السلطات منحت أكثر من 200 مليار دينار منذ 1991 للجمعيات إلى منتصف سنوات 2000 بحسب تقرير أمني صدر في شكل توصيات عملية للحد من النشاطات غير المراقبة وغير المرخص بها ولضرب النشاط المتطرف باسم الدين.
وفي السياق هذا تخللت العديد من المشاكل عمل الجمعيات إلى أن بلغت الأمور التمويل الخارجي والنشاط بتعليمات من الخارج وتوجيهاته مما استدعى حل البعض منها والحجر على حسابات أخرى وتشميع مقرات جمعيات بدأت بالنشاط الصحي والجمعوي لصالح الأحياء لتتحول إلى النشاط السياسي والتجاري مع مرور الأعوام.