البلاد - رياض.خ - علمت "البلاد" من مصدر موثوق أن القطب الجزائي المتخصص بمحكمة وهران، فتح تحقيقا قضائيا في قضية تهريب أموال إلى الخارج من العيار الثقيل، يشتبه في وقوف 27 شخصا خلفها، ويتعلق الأمر بجمركيين وموظفين في بنوك وتجار ينشطون في أربع ولايات بغرب الوطن لهم علاقة نشاط هائلة بميناء وهران.
ولفت المصدر إلى أن القضية لها صلة بتحويل ما يقرب من 53 مليون أورو نحو اوروبا وبالتحديد اسبانيا حسب التحريات الأولية التي بينت تهريب العملة الصعبة نحو بنوك خاصة منها ما استخدمت في شراء عقارات ومساكن فاخرة في مالقا وكاتالونيا، وأراغون وأليكانت وفق المعطيات التي تشتغل عليها الجهات المختصة.
وحسب المعلومات فقد تم استدعاء الأشخاص المشتبه بضلوعهم بطريقة أو بأخرى، في تحويل هذه الأموال لتسليط مزيد من الضوء على القضية، بعد استحالة الاستماع إلى أقوال العديد منهم، لورود معلومات تفيد بفرار بعضهم إلى الخارج.
وكشفت المصادر عن أن المتهمين انخرطوا ضمن شبكة دولية لتبييض الأموال وتهريبها، تنشط بين الجزائر وإسبانيا، على غرار عشرات القضايا التي دونتها محاكم الجزائر في الفترة الأخيرة، للجوء أصحاب المال إلى تهريب ممتلكاتهم المشبوهة إلى الخارج للإفلات من المساءلة القانونية.
وأبانت الأبحاث المبدئية عن أن الأموال المهربة كانت عبارة عن قروض بنكية مستخرجة من بنوك خاصة وعمومية لها اعتمادات التجارة الخارجية، بلغت حدود 10 قروض حصل عليها المشتبه في قيامهم بهذه القضية الخطيرة جدا عبر 11 عملية في أقل من 4 أشهر، إذ حصلت على هذه الامتيازات المشبوهة شركة اسمها "ينابيع" لاستيراد "أنابيب الصلب ومعدات الترصيص"، ملك لثلاثة أشقاء يقطنون بوهران، بطريقة أذهلت المحققين الذين اكتشفوا تهريب ما يربو على 112 مليار سنتيم، علاوة على عمليات توطين مشبوهة بتواطؤ من مصرفيين بينهم رؤساء مصالح في دراسة القروض والتخليص والتوطين، ومفتش جمارك وأعوان ووكيل عبور.
وتظهر فصول القضية أن السلطات الاسبانية بموجب مذكرة التعاون الأمني والقضائي مع الجزائر، أبرقت مراسلة لنظيرتها الجزائرية في شهر فبراير من عام 2017، لتبليغها عن نشاطات مشكوك فيها لتجار قاموا بتحويل مبالغ بالعملة الصعبة، تزيد على 53 مليون أورو، من خلال تصريحات جمركية، لتقوم مصالح الأمن بتكثيف التحريات وتحديد هويات المشتبه فيهم، بالرغم من صعوبة المهمة، على اعتبار أن التحري دام مطولا وزاد عن 8 أشهر كاملة، حيث جرى تحديد هوية 19 متهما ينحدر أغلبهم من ولايات وهران، مستغانم وعين تموشنت، بينهم نساء، فيما يشتبه بوجود تجار من الجزائر العاصمة، البليدة، الشلف وبرج بوعريرج ضمن قائمة الأشخاص المبحوث عنهم لتواجدهم في إسبانيا حسبما أشار إليه المصدر نفسه.
وقال المصدر المقرب من دائرة التحقيق إن المتهمين المطلوبين أمام جهاز العدالة، ينشطون في مجال استيراد أنابيب الصلب الكاربوني ومعدات الترصيص والفولاذ المقاوم للصدأ من إسبانيا، بالإضافة إلى الماسورات الفولاذية وحتى الأجهزة الإلكترونية، بالتعامل مع شركات في ألمانيا، فرنسا، الصين وإسبانيا. وقد وجهت لهؤلاء الأشخاص تهم ثقيلة من نوعها تتعلق بتهريب العملة الصعبة التي تضر بالاقتصاد الوطني ومخالفة التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتهمة تبييض الأموال، بما أن التحريات الأولية تؤكد أن مصدر هذه الأموال صفقات مشبوهة وعمولات غير قانونية شارك فيها جميع الأشخاص محل تحقيق القطب الجزائي.
ولم يخف المصدر أن السلطات الاسبانية توصلت إلى وضع اليد على حقائق رسمية تكمن في قيام هذه المجموعة من المتعاملين الاقتصاديين المشتبه في نشاطهم غير القانوني وأصحاب شركات استيراد مشكوك فيها، بتصريحات جمركية وهمية أمام فرقها الرقابية في مؤسساتها المينائية لاسيما فالنسيا، الجزيرة الخضراء وأليكانت، التي دونت في حوالات بنكية لمصارف في إسبانيا على غرار "كاجاكس"، ساترادامو "كايكسا" وهي مصارف توفير تنشط بشكل غير مباشر في مالقا، ألمرية، غرناطة، ولبة، كاتالونيا وأراغون، معظمها في مناطق إقليم الأندلس. وسخرت العصابة هذه الأموال في شراء عقارات ومساكن فاخرة للحيلولة دون مصادرة أموالها في الوطن.
قضية الحال التي قد تكشف مرة أخرى عن حجم الأموال المهربة من طرف الجزائريين إلى أوروبا لاسيما اسبانيا، تركيا والإمارات العربية المتحدة، تظهر الوجه الآخر للتجارة الخارجية في استيراد مواد تحتاجها السوق الوطنية.