البلاد - عبد الله نادور - يسجل العديد من المراقبين ملاحظات مهمة بخصوص الحكومة الجديدة، أبرزها ما تعلق باسترجاع الوزير الأول بعض الصلاحيات، ما يعتبر مؤشرا قويا على عودة مؤسسات الدولة لتأدية مهامها، كما يعتبر مؤشرا على الذهاب إلى تعديل دستوري عميق وجوهري، يعيدنا إلى زمن رئيس الحكومة بدل الوزير الأول. وهو ما يعتبر محددا جوهريا لطبيعة النظام السياسي.
وفي هذا الصدد، أعلن رئيس الجمهورية، بعد استنفاد جدول أشغال اجتماع الوزراء، أنه وبهدف تخفيف إجراءات التعيين في المناصب السامية للدولة وتسريع حركة مستخدمي الوظائف العمومية السامية، قرر تحويل سلطة تعيين عدد معين من إطارات الدولة إلى الوزير الأول، وهذا في إطار احترام الأحكام الدستورية المعمول بها في هذا الصدد.
وقد تجسد هذا الأمر، منذ قرابة الأسبوعين، حيث أعلنت مصالح الوزير الأول، عن إنهاء مهام كل من المدير العام للمؤسسة العمومية للتلفزيون سليم رباحي، وكذا الرئيس المدير العام للمؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والإشهار منير حمايدية. وهو الأمر غير المعتاد بالنسبة، خاصة أنه كان في وقت قريب يعلن عنه على أساس تعديل قام به “فخامة الرئيس”.
ويقرأ البعض هذا الأمر على أنه تغيير مرتقب في نظام ونمط الحكم الحالي، الذي يصفه أغلب الدستوريين والسياسيين على أنه نظام رئاسوي بصلاحيات إمبارطورية لرئيس الجمهورية، وفي حال العودة إلى رئيس الحكومة بدل الوزير الأول، فهذا يعني العودة إلى النظام شبه رئاسي أو شبه برلماني، يتقاسم فيه الرئيس المنتخب والحكومة المنبثقة عن أغلبية برلمانية، يتقاسمون الصلاحيات، تكون فيه الحكومة مراقبة من طرف المجلس الشعبي الوطني، ويعيد لهذه المؤسسة التشريعية هيبتها.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور لخضر عليان، أستاذ العلوم القانونية بجامعة الجزائر، أن تقاسم صلاحيات التعيين عرف اختلالا عميقا خلال السنوات الأخيرة، إذ إن دستور 1996 كان يتبنى رؤية تقترب من النظام شبه الرئاسي يتم فيه تقاسم صلاحيات التعيين بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة آنذاك غير أنه حصل استيلاء رئيس الجمهورية على هذا الموضوع لدرجة أن الرئيس صار يعين تقريبا كل التسميات ولم يبق لرئيس الحكومة سوى تسميات هامشية وحتى هذه الأخيرة مرتبطة بموافقة رئيس الجمهورية.
ويضيف المتحدث أن إعلان الوزارة الأولى عن إنهاء المهام والتسميات يوضح النية إلى الرجوع إلى التوازن في صلاحية التعيين بين المنصبين، معربا عن أمله في أن يتكرس ذلك أكثر عبر مشروع الدستور الجديد.
وبخصوص العودة إلى رئاسة الحكومة أو بقاء وزارة أولى فإن “الأمر مرتبط بالنظام السياسي” حيث أن مصطلح رئاسة الحكومة _حسب الدكتور عليان_ مصطلح مرتبط بالنظام البرلماني وحينها يكون أقوى شخص داخل السلطة التنفيذية هي رئيس الحكومة. أما الوزير الأول مرتبط بالنظام شبه الرئاسي الذي “أتمنى أنه سيكون توجه التعديلات الدستورية الجديدة بحكم التوجهات الأكاديمية لأعضاء لجنة تعديل الدستور ومن هذا المنطلق الإبقاء على تسمية الوزارة الأولى هو الأقرب ولكن مع تدعيمها بالصلاحيات اللازمة ومنها استعادتها لمناصفة صلاحيات التعيين”.