الاتحاد الأوربي يهدد بمعاقبة مسؤولين لبنانيين لم يسمهم ولم يحدد من أي حزب أو جماعة، وإن كان يرجح أن يكون الأمر يتعلق بعناصر من حزب الله، الذي يصنفه الغرب على أنه تنظيم إرهابي، ربما لأنه التنظيم الوحيد الذي لم يدجن، وما زال يقاوم الاحتلال الاسرائيلي، ويقف بالمرصاد للمطبعين في الداخل.
قرار الاتحاد الأوربي المزمع اتخاذه غدا الاثنين خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد، والذي تقف وراءه فرنسا، جاء بعد الأحداث التي شهدتها لبنان الخميس، أين سقط عدد من القتلى في إطلاق نار خلال مظاهرات لحزب الله وحركة أمل احتجاجا على تعيين محقق في قضية انفجار مرفأ بيروت في 4 أوت من السنة الماضية، والذي راح ضحيته أزيد من ألفي قتيل، دون تعداد الخسائر والجرحى والمفقودين، زيادة لأسباب أخرى.
وما التماطلات التي عرفها تشكيل حكومة وإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية وأزمة المحروقات والأزمات الأخرى التي تنخر جسد هذا البلد الذي قطعت أوصاله حربا أهلية منذ عقود، وما زال لم يتخلص من تبعاتها.
فرنسا سبق لها وهددت المسؤولين اللبنانيين إن لم يسارعوا في إيجاد الحلول للأزمات التي أنهكت الشعب اللبناني وأفقرته، بعدما فشل مؤتمر المانحين الذي نظمته فرنسا السنة الماضية لجمع مساعدات لفائدة لبنان كي يتخطى الأزمة الاقتصادية الخانقة، فها هي تلوح من جديد بالعقوبات، ما دام الانذارات التي وجهتها إلى المسؤولين اللبنانيين لم تأت بنتيجة.
لكن إلى متى يبقى لبنان رهينة كل هؤلاء، فرنسا من جهة، والسعودية وإيران من جهات أخرى، وكل طائفة من طوائف لبنان تدين بالولاء لهؤلاء أكثر منه للبنان وشعبه، فالحريري لا يتخذ قرارا إلا بالرجوع إلى السعودية، وحزب الله لا يستمع إلا لإيران والموارنة لا ولاء لهم إلا لباريس والغرب، وبين هذا وهؤلاء يبقى الشعب اللبناني مقسما متناحرا، وتبقى مصالح وحلول أزماته بيد الآخرين، وإن وجد الحل بل ومهما كان الحل، فهو لن يعجب الأطراف الأخرى التي ترعى مصالح رعاتها بالخارج قبل مصالح أبناء شعبه؟
إلى متى يبقى اللبنانيون يموتون من أجل الآخرين مثلما قالت مرة المطربة ماجدة الرومي خلال تأبينية غسان تويني مدير صحيفة النهار اللبنانية الذي قتل في تفجير استهدفه ضمن سلسلة تفجيرات قتلت قبله رئيس الحكومة الأسبق وزعيم تيار المستقبل رفيق الحريري.
ما حدث أمس في لبنان من تبادل لإطلاق النار عاد باللبنانيين إلى التجارب المريرة التي عاشوها سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في حرب أهلية دمرت البلاد، ويبدو أنها لم تنته بعد، فلا تزال أسبابها قائمة، ومن يدري قد تكون هذه الرصاصات بداية لفترة أخرى من الاقتتال لا أحد يدري متى وكيف ستنتهي، ولا الغالب أو الخاسر فيها!