كلنا معنيون بالدفاع عن الجزائر

الحرب الإعلامية أو حرب المعلومات التي تخوضها الجزائر لا أقول ضد المغرب وإنما ضد الكيان الصهيوني الذي انتقل إلى جوارنا، لا يمكن أن تسند للقطاع العمومي وحده، مثلما يفهم من الموقف الحكومي من قطاع الإعلام بمنحه كل الإمكانيات لوسائل الإعلام العمومية لخوض هذه المعارك.

وإن كنت لا انتقص من قيمة الإعلام العمومي وأهميته في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد، لكن يبقى وحده عاجزا عن صناعة رأي عام وطني ودولي بمصداقية يمكنه من خلالها إحداث أي تأثير خاصة في الخارج، لأنه يبقى مرتبط بالمواقف الرسمية، في حين أن تحرير قطاع الاعلام الذي عرفته البلاد بداية تسعينيات القرن الماضي، سمح بظهور صحف ومواقع إعلامية ذات مصداقية وصارت مرجعية إعلامية في الخارج يستند إليها كلما تعلق الأمر بالجزائر، بعضها صنفت من أهم الصحف على المستوى العالمي، وأذكر هنة صحيفة الوطن، التي واجهت مع صحف مستقلة أخرى آلة الإرهاب.

 الحرب التي تخوضها الجزائر اليوم أو ما بات يعرف بحروب الجيل الرابع، أخطر من الحرب التي خاضتها ضد الإرهاب خلال العشرية السوداء والتي لا تزال تخوضها إلى اليوم، لأن العدو اليوم متعدد الجنسيات والأهداف، وأهدافه تدميرية، تريد الزج ببلادنا في حرب تقليدية مع الجارة الغربية مثلما أوحت به صحيفة لوبوان الفرنسية في عددها الأخير عندما قالت أن الجزائر مقبلة على حرب مع المغرب، مع أن الواقع هو ما يقوم به المغرب من استفزازات واستقواء بإسرائيل ومن حرب إعلامية تستهدف الجزائر ناهيك عن مقتل ثلاثة مواطنين في محاولة يائسة لجرنا إلى حرب، تسمح فيها لإسرائيل بالتدخل لتنفيذ المشروع الذي لم يعد يخفى على أحد، وهو تفكيك الجزائر، ما يسمح للمملكة بتحقيق أطماعها التوسعية في بلادنا واحتلال مناطق واسعة من ترابنا، المشروع الذي عجزت عن تحقيقه في مغامرة الحسن الثاني سنة 1963 عندما قاد هجوما على الجزائر لاحتلال بشار وتندوف.

 الخطر الذي يستهدف الجزائر كبير، والتصدي له لن يكفي بتجنيد الجيش بكل ما يمتلكه من سلاح ولا بتكليف الإعلام العمومي وحده بخوض المعركة، وإنما تعنينا جميعا كإعلام وطني بدون تفرقة بين عمومي وخاص، وتعني الطبقة السياسية برمتها معارضة كانت أو موالاة، لأن المشروع الصهيوني المغربي إذا نجح مثلما يحاول الآن ، ومنذ اختراق الحراك الشعبي من قبل مربعات حاولت تأليب الشارع على الجيش الوطني الشعبي، باستهداف رموزه وبعض قادته، لن يفرق بين من كان معارضا أو مواليا، وبين صحافة عامة أو خاصة، فليبيا لما قاد عليها الناتو حملته لإسقاط القذافي، خسر كل الشعب الليبي سلمه وأمنه وثرواته وصار فريسة لمليشيات متعددة الجنسيات ما زالت تعيث خرابا في ليبيا ولا تفرق بين من كان مع القذافي ومن كان ضده.

 الجزائر مستهدفة، وما كان يخطط له في السر، صار ينفذ في العلانية، و رأب التصدع في الجبهة الوطنية الرهان الوحيد لكسب المعركة، لن يصنعه الإعلام العمومي وحده لما فقد من مصداقية خلال حكم بوتفليقة عندما سمى نفسه أنه هو رئيس تحرير وكالة الأنباء العمومية، رغم ما يتمتع به القطاع العمومي من طاقات وإعلاميين ذوي خبرة وكفاءة، كثيرون منهم صاروا أعلاما ورموزا في وسائل إعلام دولية.

الحرب الإعلامية نخوضها اليوم مع الكيان الصهيوني الذي يسيطر على كافة وسائل الإعلام العالمية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، وفرض منطقه ونظرته على الجميع ليس فقط بالذكاء، وإنما بواسطة عصب الحرب ، المال الذي مكنه من إسكات الجميع إلا قلة نزيهة بقي صوتها وتأثيرها محدودا، لأن للكيان الصهيوني مشروعا جند من أجله كل الشعب اليهودي في أطراف الأرض، بينما ندخل نحن المعركة متفرقين، مشككين في مواقف بعضنا بل وأحيانا نتخذ من الطرف الآخر عدوا وجب اقصاؤه إن لم نعلن الحرب عليه.

 مشكلتنا ليست المملكة المغربية، بل مشكلتنا الكيان الصهيوني الذي لا يستبعد أن يكون احتلالا جديدا للمنطقة أكثر ما هو تعاون بين العرش العلوي الذي استقوى دائما طوال تاريخه بما يمكن تسميته بأعداء الأمة، ضد جيرانه، ولم يخف يوما خيانته للقضايا العربية التي قايضها بمصلحة العرش وليس بمصالح الشعب المغربي المغلوب على أمره، ومعاركنا معه ستكون طويلة وشاقة سيستعمل فيها سلاح اللعب على الهوية والجهوية مثلما يحاول تحقيقه بضرب الوحدة الوطنية باستعمال خونة الداخل، وإن لم نوحد صفوفنا في مواجهته مثلما فعله أسلافنا أثناء الثورة العظيمة فقد نكون عراقا آخر لا قدر الله.