قضى الصحافي هشام منصوري عشرة أشهر في سجن سلا، أحد أخطر السجون المغربية، استغل من خلالها لانجاز نحقيق بما يحوم داخل هذه المؤسسة .
وتطرق هشام منصوري في تحقيقه الى تجارة المخدرات وطريق التعامل معها في السجن المغربي بداية من سعر القاضي الذي تنطلق المفاوضات معه عبر الهاتف في ساحة السجن خلال فترة الفسحة بتدخل من الوسطاء داخل السجن وخارجه، يستطيع المعتقلون دفع رشاوى للقضاة وشراء الأحكام. مضيفا انه شاهد سجيناً يبكي وهو يلحّ على أمه عبر الهاتف لإقناعها ببيع بقعة أرضية كي يستطيع رشوة القاضي ونيل البراءة. بمجرد ما أقفل الهاتف، ارتمى بين أصدقائه وبدأ في الضحك ولفّ سيجارة حشيش.
وبخصوص الملفات الكبرى للاتجار في المخدرات، فيدفع الأغنى من بين أفراد العصابة للأفقر منهم كي يتبنوا الجريمة لوحدهم.
وبخصوص الهاتف قال منصوري انه يتم تجهيز كل حي من أحياء السجن بهاتفين إلى خمسة هواتف ثابتة، لكن نصفها خارج الخدمة في الواقع.
ورغم الطلبات المُلحّة للسجناء، لا يتم إصلاح الهواتف المعطّلة. ثلاثة هواتف فقط تعمل في حي الذي يعدّ ألف سجين تقريبا.
إذا أضفنا إلى هذا الولوج المحدود إلى الهواتف الثابتة والعدد الكبير للسجناء ووقت الفسحة المحدود جدّاً، تبدو الإدارة مصرّة على فعل أي شيء من أجل إجبار السجناء على اقتناء الهواتف المحمولة، الممنوعة نظرياً، وذلك بشكل فردي أو جماعي. تزداد هذه الحاجة إذا علمنا أن الهواتف الثابتة غير متاحة لاستقبال الاتصالات.
واضاف منصوري انه يشرف على بيع الهواتف المحمولة سجين إلى أربعة سجناء في كل حي. يدفع الزبون أولا ثم ينتظر بضعة أيام ليحصل على أحد الهواتف المحمولة البسيطة التي يبلغ ثمنها خارج السجن 200 إلى 400 درهم، فيما سعرها بالسجن يتضاعف خمس إلى عشر مرات وذلك بحسب السوق، والفترات، والحي، والسجن.
وحول التفتيشش اكد منصوري انها تأتي هده العمليات أياماً أو أسابيعاً بعد عمليات البيع. ويبدو أعضاء فريق التفتيش على علم مسبق ودقيق بالزنازين المعنية، بل والزبائن المشترين وأحيانا حتى المخابئ.
وقال منصوري انه ليس صعباً تمييز أباطرة المخدرات من بين السجناء العاديين فملابس الماركات العالمية، قُفف ضخمة وممتلئة عقب كل زيارة، وخاصة معاملة تفضيلية من قِبل الحراس والموظفين. تستفيد هذه الفئة من السجناء من زيارات عائلية مطولة، وإمكانية الاستحمام خارج فترات الفسحة، حين يكون باقي السجناء في زنازينهم، بل والتنقل بكل حرّية بين مختلف فضاءات السّجن.
وأضاف منصوري في تحقيقه ان القنب الهندي يباع بطريقة عادية ويتراوح سعر الـ 100 غرام من القنب الهندي ما بين 4500 و7000 درهم، أي أكثر من عشر مرات ثمنها خارج السجن زيادة على ذلك.
قال منصوري ان بعض السجناء يتأقلم مع الحياة في السجن فيفضلونها على الحرية. تجدهم يتقنون فك رموز هذا المجتمع المصغر حيث القواعد معروفة، واضحة ومتسقة، وليس لديهم ما يخسرونه.
مضيفا ” لمعرفة رقم زنزانة سجين، يُسأل المحكوم بمدة قصيرة “أين تنام؟”. أمّا مع أصحاب العقوبات الطويلة فيصبح السؤال “أين تسكن؟”. كما أن السؤال الذي يطرحه السجناء المعاودون فيما بينهم ليس هو عدد السنوات التي قضاها الواحد منهم في السجن، وإنما عدد تلك التي مكثها في الحرية قبل أن يعود”.
بعض هؤلاء لم يعد بإمكانه العيش خارج السجن لأسباب اقتصادية أو أخرى مرتبطة بصعوبة إعادة الاندماج في المجتمع.
أمام رفضه المستميت، اضطر الحراس إلى إخراجه بالقوة عن طريق سحبه، إلّا أنه ظل يتشبث بقوة بقضبان باب الزنزانة وهم يحاولون كتم الضحك، ويذكّرونه بأن بإمكانه العودة وقتما شاء وأنه يعرف جيداً كيف السبيل إلى ذلك.