الجزائر تحتفل بالذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية ويبدو أن هذا الأمر لا يروق الجميع، فقد ذاعت عبر منصات التواصل الاجتماعي أصوات المناهضين والمتنمرين الذين تزعجهم بهجة هذا البلد واعتزازه وافتخاره بسيادته.
إن قلوب مليئة بالبغض والغل لهذا الوطن وأخرى لبست ثوب البؤس والإحباط ولا ترضى لغيرها رداء آخر، توحدت لتتنمر وتنتقد بشراسة كل ما يبهج الجزائر دولة وشعبا.
إن الجزائر، دولة وشعبا، مرت بفترات أليمة ومحبطة لعقود طويلة، فترات دموية وأخرى تخريبية أعاقت تطورها الاقتصادي والاجتماعي وعزلتها عن الساحة الإقليمية والدولية، وهي تقرر اليوم خلع رداء البؤس كالأرملة التي أتمت عدتها لتسترجع زينتها ومكانتها.
لقد رأينا في الأسبوع الماضي في حفل افتتاح الألعاب المتوسطية المنعقدة في وهران الأجواء الاحتفالية الكبيرة بهذه المناسبة الرياضية، وباعتراف كل الوفود المشاركة في هذه الألعاب كاد الفرح والاحتفال والتفاعل القوي الذي أبداه الشعب الجزائري في مدرجات الملعب وخارجه أن تنسيهم البرنامج الذي أعده منظمو الاحتفال رغم جماله ونجاحه.
الجزائري تواق للاحتفال، ويتحسس المناسبات ليغني ويرقص ويبتهج ليزيل عن نفسه الاكتئاب والحزن والتحسر الذين رافقوا معيشته لسنوات طويلة، فالابتهاج عنده هو نوع من العلاج النفسي يريد به تجاوز حالته القديمة ليدخل في عهد جديد واعد ويتمناه مخلّصا لهمومه ومنقذا من العراقيل التي رهنت تطوره، وقد كانت لنا وللعالم صور عن ذلك في طريقة اغتباط الشعب الجزائري بفريقه الوطني لكرة القدم وتشجيعه لحاملي راية البلد، وهي صور علقت عليها أكبر وسائل الاعلام العالمية ووصفها الحاقدون “بالفرح الهيستيري”.
إن السلطات الجزائرية تحضر لاحتفالات كبيرة ومتعددة عبر التراب الوطني لتحتفل بالذكرى الستين لاسترجاع السيادة الوطنية، وهي اليوم في توافق مع هذه الروح المتفائلة التي يريد المواطن الجزائري أن يعيشها في يومياته وليظهر لمن ينظر إليه أنه فخور بانتمائه إلى هذه الأرض الطيبة، فخور بهويته وتاريخه ومتفائل بمستقبله. وهذا التوافق جاء في وقت تسترجع الجزائر فيه مكانتها في الساحة الدولية، وهي تسعى للعب دور إقليمي ودولي مهم وسط مناورات استراتيجية خطيرة هي بصدد إعادة توزيع موازين القوى في العالم.
الاستعراض العسكري الذي سيمثل أهم تظاهرة احتفالية في هذه المناسبة، لم يعجب بعض المتواصلين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الذين وصفوه بغير المناسب وبالمضيعة للوقت وللمال، هكذا، وهم الذين يسارعون بالترحيب بمثل هذه العروض لما تقام في شوارع باريس.
إن الجزائر اليوم تنظر إلى الأمام، وقد تجاوزت محنا وعثرات كانت تقضي على دول كثيرة، وهي ترفع اليوم تحديات دولية قوية ضد كيانات رضخت لها عواصم عريقة، فلها اليوم أن تفتخر وتحتفل وأن تبرز عضلاتها، وفي يوم الزحف لا مكان للمشككين والمترددين.
الجزائر تحتفل، فاشهدوا أنها بخير وعازمة على فرض وجودها.